كتب عضو “الجبهة السياديّة من أجل لبنان” الدكتور شربل عازار تحت عنوان،
“بين إفراغ الرئاسة والتمديد للبلديّات”.
مُلفتة وشاملة عظة البطريرك الراعي الأحد الماضي وقد عبّر فيها عن سخطِهِ من المسؤولين الذين “تفانوا بكلّ جهد في عدم انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة وفي تكريس الفراغ في الرئاسة الأولى وشلّ المؤسسات الدستوريّة من مجلس نواب وحكومة وإدارات عامة، فَرَموا البلد في الانهيار الكامل….
ثمّ عادوا بالتفاني ذاته ليمدّدوا للمجالس البلديّة والاختياريّة ظَنّاً منهم أنّهم بذلك يبرّرون عدم انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة…”
وأكمل غبطته: “ونسأل نوّاب الأمّة، كيف رفضتم الاجتماع، لغاية تاريخه، لانتخاب رئيس للجمهوريّة واستمرّيتم في الفراغ الرئاسي، واليوم تجتمعون بكل سهولة وتؤمنون النصاب من أجل تأجيل استحقاق دستوري آخر وطني وديمقراطي هو إجراء الانتخابات البلديّة والاختياريّة…” انتهى الاقتباس.
كلّ مَنْ تحت “باطِه مْسَلّة” فَلْتنْعره، وإن كانت النعرة لن توقظ ضميره.
فمنذ انعقاد الجلسة الأولى لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة وحتى الجلسة الحادية عشر منها، انقسم النواب فريقين:
فريقٌ يواظبُ على الحضور باستمرار ويقترع لمرشّحٍ واضح اسمه النائب ميشال معوض، ويبقى في قاعة البرلمان للمشاركة في الدورة الثانية،
وفريقٌ معطِّلٌ يقترع بورقة بيضاء أو مثيلاتها ويخرج من القاعة قبل فرز صندوق الدورة الأولى.
الأمر حَصَلَ معكوساً في جلسة التمديد للبلديّات.
فالنواب المتمسّكون بالدستور والمصرّون على انتخاب رئيسٍ للجمهوريّة من أجل انتظام الجمهوريّة رفضوا الذهاب الى قاعة البرلمان للتمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة كون المجلس النيابي في ظلّ الشغور الرئاسي هو هيئة انتخابيّة وليس تشريعيّة، ولأنّ لا رئيس للجمهوريّة ليوقّع على قانون التمديد قبل نشره، ولأن التمديد للبلديات هو أمرٌ مخالفٌ للدستور بحسب قرار سابق للمجلس الدستوري صادر في العام ١٩٩٧، وكون لا داعي للتمديد بعد أن أعلن وزير الداخليّة، من بكركي بالذات، جهوزيّة الوزارة لإجراء الانتخابات البلديّة.
أمّا النوّاب المعطلين لانتخاب الرئيس والذين كانوا ينسحبون من جلسة انتخاب الرئيس لعدم تأمين نصابها، أي نواب الثنائي الشيعي والتيّار الوطني الحرّ وأمثالهم،
فقد هرولوا الى قاعة البرلمان للتمديد للمجالس البلديّة لأنّ الدستور بالنسبة لهم مثل “المعجونة”، نلهو به فَنمغطه ونُقصّره ونُمدّده وندوسه كيفما شئنا حسب مصالحنا.
فإذا كان للبطاركة طريقتهم بمخاطبة أبنائهم بصيغة “الجمع”، فهم حتماً ليسوا بعميان ولا بجَهَلة ويعرفون مَنْ مِنَ النوّاب يَسيرُ بِهَديهم وبحسب الدستور ولصالح الوطن،
ومَنْ مِنَ النواب يتذاكى عليهم وعلى الدستور ويخون أمانة الشعب الذي انتخبهم، حسب ما أنهى البطريرك الراعي عظته الأخيرة.
أمّا أروع “مسخرة” كوميديّة غير مسبوقة في تاريخ هوليوود وبوليوود، فهي انعقاد المجلس النيابي للتمديد للبلديات وانعقاد الحكومة المستقيلة في اليوم ذاته لتمويل إجرائها!!!
وللتذكير أنّ الحكومة هي مزيج من “الثنائي الشيعي” و”التيّار الحرّ” فقط لا غير، يعني الأوركسترا نفسها تعطِّل انتخاب الرئيس وتمدّد للبلديات.
وبعد التطابق في تعطيل الانتخابات الرئاسيّة على مدى إحدى عشر جلسة، والتطابق في التمديد للمجالس البلديّة، وبعد تكرار وإصرار النائب جبران باسيل على دور “المقاومة” في الدفاع عن لبنان، فإنّنا نقول لكلِّ مُنتظرٍ أو مُراهن على فكّ “التيّار الحرّ” ورئيسه العلاقة العضوية والاندماجيّة مع “الثنائي الشيعي” و”محور الممناعة”، أنت موهوم ومخطئ.
فجوهر مشكلة التيّار الحرّ اليوم هو رفضه أن يكون لدى “حزب الله” ضرةٌ له. فبالنسبة لرئيس التيّار، فإنّ اتفاق “مار مخايل” هو “زواج ماروني” يَمنَع تعدّد الزوجات، ومتى غاب الوزير سليمان فرنجيّة عن المشهد الرئاسي سنرى من جديد “حزب الله” و”التيّار” في “لقاء الأحبّة” و”يا دار ما دَخَلِك شرّ”.