كتب عضو “الجبهة السياديّة من أجل لبنان” الدكتور شربل عازار تحت عنوان، كلّ عيد مار مارون وانتم بخير.
“الموارنة لا ينتظمون”.
“الموارنة “طول عُمرُنْ” مختلفون على الرئاسة”.
“الموارنة خربوا حالهم وخربوا لبنان من أجل الكرسي”.
تعابير لطالما تردّدت على مسامِعِنا منذ وَعينا السياسي، حتى أصبحت هذه الأقوال من المُسلّمات التي لا تُناقش.
واليوم أيضاً تتكرّر نفس المقولة، أنّ المسيحيّين عموماً والموارنة بالأخصّ يٌعطّلون البلد لأنّهم مختلفون على الرئاسة، وبكركي مُطَالَبَة بالتدخّل لجَمعِ النواب المسيحيّين للاتفاق فيما بينهم.
عايشنا أو عاصرنا أبرز القيادات المارونيّة التي ملأت الساحات السياسيّة والوطنيّة طيلة عقود ما بعد الاستقلال وصولاً الى مشارف الألفيّة الثالثة.
ثلاث قامات مع أحزابهم تنافست فيما بينها على استقطاب الجماهير. إلّا أنّ كميل شمعون وبيار الجميّل وريمون إدّه لم يختلفوا يوماً على أيّ لبنان يُريدون.
فكان الثلاثة من أشدّ المدافعين عن لبنان الوطن السيّد الحرّ المستقلّ، وعن دولته الديمقراطيّة ذات الاقتصاد الحرّ القوّي، وعن دولة ملتزمة بشرعة حقوق الإنسان وبالمواثيق الدوليّة وقرارات جامعة الدول العربيّة، وعن دولة الدستور والقانون والمؤسّسات، وعن دولة القضاء المتميّز والمترفّع، وعن دولة التطور والازدهار والانفتاح والاقتصاد والمال والمصارف والمدارس والجامعات والطبابة والمستشفيات والمدن الرياضيّة والمطاعم والفنادق واليخوت والسياحة والثقافة والفنّ والمسرح والأدب والعلوم والفكر والفلسفة والتاريخ والتراث والكازينو والمطار والمرافئ والكهرباء والماء والخدمات، وعن دولة ملتقى الحضارات والثقافات والتنوّع دولة سويسرا الشرق ودرّة الشرقيين.
لم يختلف الزعماء الثلاثة التاريخيّين على دور لبنان وصورته ورفاهية شعبه ورسالته، بل تنافسوا على خدمته وارتقائه وسموِّه وهذا حقّ طبيعيّ وضروريّ ومشروع ومطلوب، ومثله يحصل في كلّ ديمقراطيات العالم الحرّ، فكان تنافسهم مصدر غنى للبنان وشعبه.
ولم يستقوِ أيّ من الزعامات الثلاث على الآخرين بفائض قوة الغير أو بقوّة الخارج.
هل القيادات المسيحيّة وأحزابها الحاليّة متفقون على لبنان المستقبل ودوره وموقعه في خارطة المنطقة والعالم؟
الجواب طبعاً لا وهنا يَكمُنُ كلّ الفرق.
فالمسيحيّون اليوم وبالأخصّ الموارنة منهم، لا يتنافسون على الرئاسة كحقٍّ طبيعيٍّ في وطنٍ طبيعيّ في ظروفٍ طبيعيّة،
بل هم مختلفون جذريّاً على خياراتهم الوطنيّة والوجوديّة في هذه المنطقة التي تعيش دائماً على فيالق زلزالية من نوع الحروب والمحاور والصراعات التي لا تنتهي.
فيلجأ بعضهم للاستعانة بفائض قوّة قوى داخلية أو خارجيّة ليصل الى سدّة الرئاسة فيكون الثمن الانصياع لولّي نعمته الذي أَوصَلَه الى الحكم، فينفّذ إرادته ومشيئته على حساب لبنان ودولته وشعبه. وما زلنا حتى هذه الساعة نعاني من عهدٍ مضى، أخَذَ الرئاسة والمواقع والمناصب والمراكز وَرَهَنَ الدولةَ والوطن لأجندات خارجيّة فأوصَلَنا الى جهنّم.
فيما يتمسّك البعض الآخر بالدولة وبالأصالة والجذور ساعين الى مستقبل مُشِّعٍ مزدهر.
الخلاف بين الموارنة والمسيحيّين اليوم هو على أيّ لبنان نُريد وليس على الكراسي.
الوقت مفصليّ والزمن مصيريّ،
فهل تريدون تكرار المَهزَلة أم تُريدون رئيساً من أمثال شمعون والجميّل وإدّه ومَنْ يؤمِن إيمانهم ويقول كلامهم ومَنْ لديه مصداقيّتِهِم وجرأتِهِم وصلابتِهِم وركابِهِم؟
طبعاً يُوجَد.