كتب عضو “الجبهة السياديّة من أجل لبنان” الدكتور شربل عازار تحت عنوان ” أربعة أَشْهُر ثقيلة وصِقِّيلة”
يختلف عهد الرئيس عون عن باقي عهود ما بعد الطائف، أنّه كان عهداً حزبيّاً فئويّاً الغائيّاً بامتياز.
لم تَشْفَع تسمية “بَيّ الكِلّ” لتغطية استئثار بعض أهل البيت بكلّ الحصّة المسيحيّة في الدولة المركزية.
وفي باقي الأوساط لم يكن الوضع بالنسبة للعهد بأفضل حال، لا في الوسط الدرزي ولا السنّي، وبالتأكيد ولا الوسط الشيعي وإن رَكِبوا نفس القطار الانتخابي.
هذا الجشع والفجع السياسي ما كان ليحصل لولا حماية حِزب، هو الآخر مستقوٍ بمحور خارجيّ ودولة خارجيّة تحت عناوين دينيّة عقائديّة جهاديّة توسّعيّة لا يجاريه فيها السواد الأعظم من اللبنانيّين.
شارفت ولاية العهد على الانتهاء وهو يَلمس ويَعرِف أنّ الشعب اللبنانيّ يعيش على أمَلِ أنْ يكون تاريخ الأوّل من تشرين الثاني ٢٠٢٢ تاريخ بزوغِ فجرٍ جديد وفرصة لخروجه من نفق جهنّم.
نحن نقدّر شعور المرارة عند مؤيّدي العهد والتيّار الحرّ لفشل فريقهم في أخذ لبنان الى مَصَاف الدول “الطبيعية” على الأقل، إلّا أنّنا نُذَكِّرُهُم أنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع اللبناني ينهارون مع انهياره ويزدهرون مع ازدهاره.
لم يعد أيّ مواطن يؤمِن أنّ ما لم يَسْتَطِعه العهدُ وتيّارُه على مدى خمس سنوات وثمانية أشهر في الحُكْم، علماً أنّ الولاية الرئاسيّة في فرنسا مثلاً هي خمس سنوات وفي الولايات المتحدة الأميركيّة أربعة، يستطيع أنْ يُنجزه في أربعة أشهر أو في ست سنوات جديدة مع وريث الرئيس.
إنّما الأربعة أشهر هي فترة كافية، في حال تَوَفُّر النيّة، لنقل لبنان من ارتباطه بمحور يدعو الى الحروب الدائمة، الى لبنان الحياديّ خارج الصراعات والمحاور، والمنفتح على كلِّ دول العالم إبتداء من إيران والصين وفنزويلا وصولاً الى الخليج والعرب واوروبا وأميركا.
فيكفي ان يقوم فخامته بثورة على الذات، فيعود المُحَرِّر كما فعل في تسوناميته الشهيرة العام ٢٠٠٥ حين احتل قلوب ثلاثة ارباع اللبنانيّين بفعل شعارات المحاسبة والتحرير والتغيير.
وإلّا، وتوفيراً على عذابات الناس الذين يُحَمِّلون عَهدَه مسؤوليّة جهنّم وقد عبّروا عن ذلك في صناديق الاقتراع،
نرجو أن يَحذُوَ الجنرال الرئيس ميشال عون حَذْوَ الجنرال الرئيس شارل ديغول عندما خسر استفتاءه الشهير أمام الطلبة بفارقٍ بسيط، فترك الحُكْمَ بكلِّ كِبَر غير سائل عن ابنٍ أو وريث، فَبَقِيَ في ضمير الفرنسيّين القائد المُحَرِّر، المُنقِذ والمُلهِم.
وهنا لا بُدّ من التوقف أمام ما ورد في مقابلة الدكتور سمير جعجع على تلفزيون لبنان الرسمي مع الاعلامي وليد عبّود حيث قال، وبهدوءٍ مُلفِتٍ ودون أيّ مكابرة او استكبار او استعلاء او استقواء، أنّ القوات اللبنانية هي الاكثر تمثيلًا وصاحبة الكتلة النيابيّة الأكبر وبالتالي، واستكمالًا للعرف السائد، فهو المرشّح الطبيعي الأول لرئاسة الجمهورية.
إلّا أنّه استدرك وأوضح أنّه لن يستهلك وقته في البحث عن الاصوات الداعمة لوصولِه، فما يهمّه هو توحيد القوى المناهضة لتحالف حزب الله والتيّار الحرّ الذي أوصل لبنان الى هذه الأيام السوداء، لاختيار الشخصيّة التي تحمل المشروع الآخر، لأنّ الرئيس الجديد يجب ان يكون سياديّاً أولاً وإصلاحيّاً ثانياً.
وفي ذات السياق، أوضح كيف أنّه تمنّى على جميع قوى المعارضة الاتفاق على أسماء لنيابة رئاسة المجلس النيابيّ وهيئة مكتب المجلس، رافضاً أنْ يرشّح أحداً من كتلة القوات المليئة بالكفاءات لهذه المراكز، لكنّها لا تريد أيّ منصب أو أيّ شيء لها فالمُهِم تضامن قوى المعارضة.
الأربعة الاشهر المتبقيّة ثقيلة على كاهلِ الشعبِ المقهور الذي لا يستطيع أن يَصبُر على وجعه ولو لأربع ساعات،
وصِقِّيلةٌ هي هذه الأشْهُر، لأنها سَوف تصقل معدن وجوهر كلّ فريق، وتفصل القمح عن الزؤان، وسنتابع كيف سينهي العهدُ عَهدَه، وسنعرف كيف سيتصرّف من ادّعى ويدّعي معارضة هذه السلطة المتسلطة.
الشمس شارقة.