كتب عضو “الجبهة السياديّة من أجل لبنان” الدكتور شربل عازار تحت عنوان: الحلّ بأيدينا.
في خِضَّم الانهيار الكبير الذي وصل اليه الوضع اللبناني بِفعل تسلّط منظومة حاكمة تمنع عنه انتظام المؤسسات بغياب رأس الجمهوريّة وبوجود حكومة مستقيلة ومجلس نيابي يتخلّف عن إداء دوره الدستوري وقضاء نَحَرَته التدخلات السياسيّة لطمس حقيقة تفجير كلّ العصور أي تفجير بيروت ومرفأها،
في خِضمّ كلّ ذلك سطعت بارقة أمل مِن أكثر مِن أربعين نائباً رفعوا الصوت من تحت قبّة البرلمان للمطالبة بإحقاق الحقّ في زلزال ٤ آب ٢٠٢٠،
وبدعوة رئيس المجلس النيابي لإبقاء جلسات الانتخاب منعقدة ومفتوحة حتى الخروج برئيس للجمهوريّة يجري بعدها استشاراته النيابيّة المُلزِمة لتكليف رئيسٍ للوزراء يُشَكِّل حكومته بعد استشارات غير مُلزمة فتنال الثقة في البرلمان وينكبّ الجميع على العمل لإخراج الشعب اللبناني من أتون جهنّم التي وصل إليها بِفِعلِ إدخال لبنان بمحاور وصراعات وحروب وإيديولجيّات لا تعنيه ولا تشبهه لا من قريب ولا من بعيد.
إنّ العناوين البرّاقة المُدَغدغة للمشاعر الإنسانيّة والوجدانيّة والوطنيّة كتحرير القدس وإزالة إسرائيل من الوجود لا تمحي حقيقة الانهيار الكبير الذي أصاب كلّ مواطن في صميمه فأضحى بلا دواء ولا استشفاء ولا ماء ولا كهرباء ولا مدخّرات ولا مال ولا رواتب فتغيّرت أولويّات اللبناني الذي كان يتوق الى مواكبة التطور والانفتاح والثقافة والفنّ والإبداع فصار كلّ هذا مِنَ الماضي وأصبح همّه في كيفيّة الصمود وصار الإتكال على أبناء شعبنا المغترب الذي لولا ارتباطه بوطنه الأم ومساعداته لأهله لكان لبنان بلد مَيت بكلّ معنى الكلمة.
أهكذا سَلَّمَنا الأجدادُ والأباء هذا الوطن؟
أم أنّنا استلمنا منهم سويسرا الشرق ودُرّة الشرقين ووطن الحضارة والدور والرسالة؟
ألَم يكن لبنان الى الأمس القريب، مدرسة الشرق وجامعته ومستشفاه ومصرفه ومطعمه وفندقه ومسرحه وسياحته وكلّ ما حلم به إنسان كان موجوداً في هذا الوطن الرائع؟
هل نستطيع إرجاع دولة لبنان الكبير التي رُسِمت بتوافق وطني روحي سياسي جامع في العام ١٩٢٠؟
هل نستطيع إعادة روح ميثاق الاستقلال وقد مَثَّلها بشارة الخوري ورياض الصلح ورفاقهم في العام ١٩٤٣؟
هل نستطيع أن نعود الى روحيّة الطائف الذي كان للسعوديّة خاصة، وللشيخ رفيق الحريري ولنواب المرحلة الدور الكبير في إخراج لبنان من الحرب وإعادته الى مصاف الدول المرفوعة الرأس والقائمة من تحت الرماد
فعاد الإشراق والإزدهار الى سِتّ الدنيا بيروت؟
هل نستطيع؟ نعم نستطيع.
فماذا يمنع نوابّنا الكرام وقد اختارهم الشعب بعد ثلاث سنوات من انتفاضة ١٧ تشرين ٢٠١٩ ليكونوا المُنقذ والرافعة التي ترفعهم من بؤسهم من خلال قيام دولة سيّدة حرّة مستقلّة جامعة لكلّ ابنائها فارضة سيادتها على جميع أراضيها بقواها الشرعيّة الذاتيّة وحدها، دولة لا تتدخل في شؤون الدول الاخرى ولا تسمح لاحد التدخل في شؤونها، دولة تحمي حدودها ومعابرها ومرافقها من أيّ استباحة او تهريب، دولة يكون فيها القضاء سيّد نفسه وسيّد على كلّ المواطنين مهما علا شأنهم وعلت مراكزهم فيكون الجميع سواسيّة تحت غرباله.
هل كثير ما نطلبه؟
لا وألف لا، فهذا أقل واجب على النائب والمسؤول.
نأمَل أن تتّسع مروحة ال ٤١ نائباً فتشمل كلّ المتردّدين من نوّابٍ مسلمين ومسيحيّين ودروز فيسجّل التاريخ أسماءهم بأحرفٍ من ذهب؟
وسنبقى نردّد مع ابي القاسم الشابي،
“إذا الشعب يوماً اراد الحياة
فلا بدّ أن يستجيب القدر”،
حتى يستجيب القدر.