رسالة فاتيكانية قاسية للقيادات المسيحية: ثبتوا الطائف ولا تبحثوا في تغييره
كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
لا تقتصر تداعيات الحديث عن بلوغ لبنان نقطة اللاعودة في ظل الانهيار الشامل، ووجوب الاتجاه نحو البحث عن صيغة جديدة من ضمنها طرح الفدرالية او التقسيم، استنادا الى مقولة “آخر الدواء الكي، على رفض داخلي عبّر عنه اليوم رئيس مجلس النواب نبيه بري برد مباشر على رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بقوله ” كلام جعجع متقدّم وخطير حول الموضوع. لكن لا أعتقد أن هناك جديّة في هذا الطرح إنّما في إطار المزايدة والمناكفات المسيحية – المسيحية، للأسف. لبنان صغير، وهو مثل الذرّة، إذا انشطر ينفجر ويُحدِث دماراً كبيراً”، بل بلغت شظاياه الخارج، خصوصا الدول التي ما زالت مؤمنة بفرادة الصيغة اللبنانية ونموذج العيش المشترك وفي مقدمها الفاتيكان.
دوائر الكرسي الرسولي لا تنظر بارتياح الى دعوات مماثلة خصوصا انها تصدر عن القوى السياسية المسيحية الكبرى، اي القوات اللبنانية التي ردت على موقف الرئيس بري عبر دائرتها الاعلامية اليوم، والتيار الوطني الحر الذي لا ينفك رئيسه النائب جبران باسيل يتحدث عن وجوب تغيير النظام وتعديله. فهي ولئن كان لها ملء الثقة من خلال قنوات تواصلها مع القيادات المسيحية في لبنان عبر سفيرها او من خلال موفدين، ان طرح التقسيم ليس سوى احدى ادوات الضغط على معطلي مسار بناء دولة المؤسسات وحثهم على الخروج من مربع رهن لبنان للخارج ومنع انتخاب رئيس جمهورية، غير انها وبحسب ما تؤكد مصادر قريبة من الدوائر الفاتيكانية لـ”المركزية” ترفض مجرد التفكير بطروحات مماثلة. وقد ابلغت رفضها المطلق للبحث في اعادة تركيب السلطة او تغيير النظام اللبناني الى كل الدول المهتمة بالشأن اللبناني، وتحديدا فرنسا والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية. واكدت ان المطلوب لاستقامة الحياة السياسية في لبنان هو تطبيق اتفاق الطائف بكل مندرجاته وليس استنسابيا، كما هو حاصل اليوم، بحيث ينتقي كل طرف ما يخدم مصالحه الخاصة ويغض النظر عن الباقي.
وتوضح ان المواقف الفاتيكانية في شأن كل ما يتصل بصيغة النظام، أبلغت مباشرة الى القيادات المسيحية من خلال لقاءات عقدت معهم في بيروت اخيرا وتضمنت، بحسب المصادر، مواقف حاسمة وحازمة بوجوب الكفّ عن الحديث حول اتفاق الطائف والذهاب نحو ما يسهم في تطبيقه بالكامل وتثبيته فعلا لا قولا، وابقاء لبنان نموذجا للتعايش والمناصفة بين المسيحيين والمسلمين، محذرة من المغامرة في اتجاه لن يخدم مسيحيي لبنان حتما. وشددت على الاوان آن لوقف مسلسل الكباش المسيحي- المسيحي ووجوب التعاضد والتكافل بين القوى السياسية من اجل انتخاب رئيس جمهورية قادر على لجم الانهيار تمهيدا لاعادة وضع الدولة المنحلة والمفككة على سكة التعافي من خلال الاطر الدستورية واعتماد المطلوب من اصلاحات كفيلة باطلاق مسيرة الانقاذ، بمعونة دول تحب لبنان وتتمنى بقاءه نموذجا حيا في منطقة الشرق الاوسط لا تلك الساعية الى استخدامه ورقة ضغط في صراعاتها الدولية بما يخدم مصالحها.
”طبقوا الطائف واقفلوا الحديث عن تغييره وتعديله واعيدوا بناء دولة لبنان النموذج”، توصي الفاتيكان المسؤولين المسيحيين. و”الاهم الاهم اوقفوا استهداف بعضكم البعض والمواقع المسيحية الارفع في الدولة”.