شكّلوا حكومةً وانتخبوا رئيسًا لئلا يحصُلَ لغطٌ دستوريّ
منذ أمس دأبت أجهزة إعلاميّة عمدًا على تصوير موقفي نهار 16/09/22 على شاشة أوتي في حول من يملئ الشغور الرئاسي في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد كأنه يعبّر بشكل أو بآخر عن رأي البطريركية المارونية بحكم قربي من صاحب الغبطة الكاردينال بشارة الراعي. فأنا، وإن كنتُ أتَشرّفُ بهذه العلاقة وواجبي أن أكون في خدمةِ غبطته، فإني سياسيٌ مستقل وحاضرٌ في الحياةِ الوطنيّةِ منذ خمسين سنة وأعبّر عن أرائي التي لا تُلزم أحدًا. وقد حَرص غبطته مشكورًا على احترام خصوصيّتي السياسية. وبالتالي حين يكون للبطريركيّة موقف يعنيها فإنه يصدر في عظات البطريرك، وبيان الصرح البطريركي وبيانات مجلس المطارنة وبيانات الدائرة الإعلامية في البطريركية. لذا أرجو من الزملاء الإعلاميين، حسني النيّة، عدم ربط كلامي بأي مرجعيّة لا اليوم ولا غدًا.
وبخصوص من يملئ الشغور الرئاسي في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد، فقد حصل اجتزاء متعمَّد على مواقع التواصلِ الاجتماعي وبعض المواقع الإعلاميّةِ شوّه قصدي. وتبيانًا لموقفي الواضح، أؤكد أن الدستور يَنص على انتقال صلاحيات رئيس الجمهوريّة إلى مجلس الوزراء، ويفترض بالتالي أن يبادرَ الرئيسُ المكلَّف إلى تشكيلِ حكومةٍ تتسلّم هذه الصلاحيّات ولو بقي يوم واحد يفصل بين الحكومة والاستحقاق الرئاسي. فحكومة تصريف الأعمال لا يثق بها الشعب وتبقى حكومة تصريف أعمال ولو حصل فراغ رئاسي.
إن الحكومةَ القائمةَ مستقيلةٌ وتُمثِّلُ فريقًا واحدًا (ح زب ال له و08 آذار)، ولم تقم بإنجازات حتى قبل استقالتها، وعدد من وزرائها فشل الفشل الذريع في قطاعات هامّة أو اتّخذ مواقف فئوية صارخة أعاقت عملَ القضاء، وليست مؤهّلةً من الناحيةِ السياسيّةِ والوطنيّة والميثاقيّة لاستلامِ إدارةِ البلاد مع أن الدستور يَلحظ ذلك. من هنا قد يؤدّي هذا الواقع السياسيّ وفي ظل الانقسامات، إلى فتح بابِ الاجتهاداتِ الاعتباطيّةِ على مصراعَيه على حساب الدستور. وأخْشى ما أخْشاه أن يَعتبرَ رئيسُ الجُمهوريّةِ أنَّ اجتهادَ “الضروراتِ تُبيحُ المحظوراتِ” يَنطبقُ عليه، أو أن تَستغِلَّ أطرافٌ حزبيّةُ الفراغَ وتدهوّرَ الأوضاعِ المعيشيّةِ لإعلانِ سلطاتٍ محليّةٍ مناطقيّة. شغورُ 2022، إذا حصل، مختلفٌ عن “شغورِ” 1988 و2008 و2014. لذلك واجب الرئيس المكلّف الإسراع بتشكيلِ حكومةٍ جديّةٍ ووضعِ الجميع أمام مسؤوليّاتهم، وواجبُ مجلس النواب انتخاب رئيسٍ جديد للجمهوريّةِ منعًا لأي التباس دستوري. فرجاء لا يحاول أحد نقل المشكلة من فريق إلى فريق ومن مكان إلى آخر. هذا موقفي ولستُ مِـمن يُهوّل عليهم.