كتب عضو “الجبهة السياديّة من أجل لبنان” الدكتور شربل عازار تحت عنوان، صراع على الهويّة.
أمّا وقد رُمِيَ الزهرُ وصار اللعب على المكشوف فلقد دخلنا في صلب الصراع.
نعم، نحن في صلب الصراع على الهويّة. ومن حسنات مأساتنا المستمرّة، أنّ الصراع لم يعد على الهويّة الطائفيّة بل على الهويّة اللبنانيّة، ما بين المتمسّكين بها والمُنقَلِبين عليها.
فلبنان الوطن السيّد الحرّ المُستقل التعدّدي والمُتعدّد الثقافات والحضارات والمنفتح على كلّ دول العالم، مخطوفٌ اليوم في سيادته وحريّته واستقلاليّته ومخطوفٌ في ثقافته وحضارته واقتصاده الى محور لا يشبهه ولا يشبه تاريخه بشيء.
إيران، الجمهوريّة الإسلاميّة التي تعتنق عقيدة ولاية الفقيه، باتت دولة توسّعيّة تريد تصدير ثورتها وعقيدتها الدينيّة الى الخارج وتريد فرضها على الآخرين بالإغراء او بالإكراه، تحت عناوين عظمى كتحرير القدس وإزالة إسرائيل من الوجود و”محاربة الشيطان الأكبر امريكا”، وهي تفتخر أنّها حتى الآن قد سيطرت على أربع عواصم عربيّة منها بيروت.
البارحة أعلن “الثنائي الشيعي” بلسانيه، رئيس حركة “أمل” وأمين عام “حزب الله” أنّه، وبعد مَضي حوالي خمسة أشهر على انتهاء المهلة الدستوريّة لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة اللبنانيّة، أعلن أنّه أصبح جاهزاً للمبارزة “الديمقراطيّة” وقد كشف عن مرشّحه الذي كان معلوماً منذ أشهر لا بل منذ سنوات.
نَسِيَ “الثنائي الشيعي” أنّ لِلمبارزة الانتخابيّة، كما لكلِّ المبارزات الرياضيّة، شروطاً وقوانين ومواقيت ومُهل مَنصوصاً عنها في الدستور، وهي غير قابلة للتعديل ولا للتبديل ولا للتعطيل تحت أيّ ظرفٍ او عذر من أجل تحسين ظروف فريقٍ على آخر، وأنّ أيّ خروج على المُهَل هو خروج على المسار الطبيعي للعمليّة الانتخابيّة، وموعد المبارزة كان محدّداً بين أوّل أيلول وآخر تشرين الأول ٢٠٢٢، وتجاوز هذا التاريخ هو تجاوز لشروط اللعبة لا بل للّعبة من أساسها.
رُبَّ قائلٍ أنّ هذا ما حصل سابقاً على مدى أكثر من سنتين ونصف السنة حتى وصلنا الى انتخاب العماد ميشال عون الى سدّة الرئاسة في العام ٢٠١٦.
نعم حصل هذا سابقاً لكن “دا كان من زمان”، والمؤمن بوطنه لا يُلدغ من الجُحرِ مرّتين.
إنّ كلّ دعوات قيادات “الثنائي الشيعي” للحوار هي لذرّ الرماد في العيون، لأنّ في لبنان فريقين لا يلتقيان حتى الآن:
فريق يلتزم الدستور والقوانين والقرارات والمواثيق الدوليّة والعربيّة تحت حماية جيشه وحده، هذا الجيش الذي سَطَّر منذ يومين بطولة متكرّرة بمواجهة الجيش الإسرائيلي،
وفريق يعلن على الملأ أنّ مصدر عيشه وسلاحه وقراره خارجي وأنّ انتماءه هو الى دولة خارجيّة.
طبعاً، الفريق الذي يتمسّك بهويّة لبنان وحضارته وحياده في الصراعات الاقليميّة والدوليّة، هو فريق لَنْ يَحيدَ عن ثوابته لأنّ هذا هو المنطق وهذا هو الصحّ.
فهل يعود الفريق الآخر الى لبنانيّته ونسيج شعبه تحت دستور وطنه وحماية جيشه، أم سيبقى موهوماً أنّه سيبقى فوق الجميع متناسياً أنّ مكامن قوتّه ليست ذاتيّة بل اتكاليّة مربوطة بالخارج ولا بدّ أن تسقط يوماً وعندها سيكون السقوط عظيما؟