كتب عضو “الجبهة السياديّة من أجل لبنان” الدكتور شربل عازار تحت عنوان، وبالمقايضة تدوم النِعَم.
كلّ الاحترام لكلّ الأديان والطوائف، وكلّ الاحترام للطائفة الشيعيّة الكريمة في ذكرى عاشوراء.
من حقّ قيادات “حزب الله” أن تؤمن بأمير المؤمنين وبالإمام الحسين وبالإمام المهدي، ومن حقّها أن تُعلن أيمانها على الملأ بالساحات وبالحناجر الهدّارة،
ولكن لا يجوز لها الخلط بين إيمانها هذا والشأن الوطني، ولا يمكن لها أن تَستَغٍل هذه الذكرى الأليمة لفرض سياساتها واستراتيجية محورها على باقي المكوّنات اللبنانيّة، ولا أن تحدّد دور لبنان ومستقبله وتموضعه بطريقة أحاديّة فوقيّة إستعلائيّة بفعل استقواء بموازين قوى زائلة، لا تبدّل شيئاً في قناعة باقي اللبنانيّين.
فمحور “الممانعة” حرّ بما يتوجّه به لجمهورِه، لكنّه لا يستطيع امتلاك حصرية الدفاع عن لبنان وسيادته وأرضه وحدوده ونفطه وغازه وكأنّ الدولة والجيش والمؤسسات الدستوريّة وثلاثة أرباع الشعب اللبناني مجرّد أرقام وأعداد ولزوم ما لا يلزم.
بالتزامن، لا يفاجئنا النائب جبران باسيل إذا عاد الى حضن “محور الممانعة” فهو أصلاً لم يخرج منه لأنّه في صلبه وفي قلبه، كيف لا “والمحور” ما فتىء يُعَيِّره أنّه هو مَن أنعم عليه بأكثر من نصف نوّاب كتلته من عكار الى البقاع في دوائره الثلاث، الى بيروت والشوف وعاليه، وصولاً الى غيرها من الدوائر، عدا عن أنّ نوّاب الأرمن ونائب عكار السنّي يغرّدون أصلاً خارج سِرب التكتل.
وكان مُلفتاً مسارعة نواب “التيّار الحرّ” في الاستفاضة في الدفاع عن خيار وعن وطنية رئيسهم “الزاهد” بالسلطة من أجل مصلحة الوطن المتمثّلة اليوم، برأيهم، باللامركزية وبإشراك “التيّار الحرّ” بالصندوق الائتماني الذي سيضم عائدات النفط والغاز ومشتقاتهما.
بالنسبة للّامركزية، هذا كلام تمويهي، لأنّ اللامركزية الموسّعة هي في صِلبِ نضال القوى المعارضة كون اللامركزية هي أحد ابرز بنود الدستور اللبناني أي اتفاق الطائف.
على كلٍّ، هل يحق لنا بالمناسبة أن نسأل نوّاب “التيّار الحرّ” لماذا لم يناضلوا طيلة سنوات حكمهم وطيلة وجودهم بالسلطة على مدى ١٨ عاماً لتحقيق اللامركزية؟
إلّا إذا كان علينا أن نتذكر الكلام-الصدمة الذي أدلى به الرئيس العماد ميشال عون في آخر مقابلة تلفزيونية له على شاشة أل otv حيث قال أنّه
“لو كانَ مكان المنظومة الحاكمة اليوم، وفي ظلّ كلّ الارتكابات التي تحصل والتقصير، لكان تقدم باستقالته”؟
يا جماعة “التيّار”، ورأفة برئيسكم ومؤسّسكم، كيف قَبِلتُم، والحلقة كانت مسجّلة، أن يخرج منه هذا الكلام على الهواء؟
إلّا إذا كنتم تعتمدون على ضعف ذاكرة الناس غير “الباسيليّين”، لأنّ لهؤلاء “ذاكرة فيل”، وإلّا لما كانت سعادة النائبة الوزيرة السابقة ندى البستاني قد استرجعت من طفولتها، التي عاشتها معزّزة مكرّمة سعيدة آمنة مع أهلها في قلب كسروان، استرجعت، على قناة ال otv ايضاً، ما حرفيّته:
“ما نْسيت كيف أنّو القوات كانوا يِجو علينا ت “ياخدو التاكسات”، أي الضرائب، وما نْسِيت كيف كانو يهدّدو الناس، وما نْسِيت يلّي كْبِرِت فيه بهالجو، وما نْسِيت إنّو بسبب القوات ما عدت أحتمل أصوات الألعاب الناريّة” !!!!!
ضرائب “القوات” التي لم ترتهن للخارج والتي حمت المنطقة المحرّرة وحولتها الى قِبلةِ اللبنانيين الأحرار أزعجت سعادتها، وكذلك صوت سلاح القوات المدافع عن كرامة شعبه وحريته ازعجها،
لكن نهب الخزينة اللبنانية من أجل تغطية هدر الكهرباء او التهريب عبر استباحة الحدود، وكذلك وضع السلاح بإمرة محاور خارجية فهذا لم يستفزّها.
طبعاً هذه هي الأضاليل والتلفيقات والاجتزاءات التي استعملت لوصول تسونامي ال ٢٠٠٥، والذي ذهب مع الريح بعد ان ذاب الثلج وبان المرج.
وبكلّ الأحوال، فقد نَسِيت سعادة النائبة البستاني تعداد إنجازاتها في وزارة الطاقة، ولم تذكر لنا شيئاً عن الكهرباء “المشعشة” والسدود “المليئة”، وعن “الشركة الوطنية لاستيراد النفط مباشرة من الدول المصدّرة” توفيراً على جيب المواطن وغيرها من الانجازات.
وبالعودة الى رئيس “التيّار الحرّ” النائب جبران باسيل، وهو الفاقد كلّ أمل بالوصول الى رئاسة الجمهورية، فقد أعلن عن مقايضته الرئاسة لست سنوات مع “حزب الله” وقبض ثمنها شراكة أو حصّة في “الصندوق الائتماني” أي صندوق النفط والغاز والثروات المنتظرة.
لو قايض سعادته الرئاسة بإلغاء السلاح والدويلة واستعادة سلطة الدولة والدستور والقضاء لكنّا رفعنا له القبّعة وغفرنا له الماضي،
أمّا وأنّه قد قايض الرئاسة “بثلاثين من النفط” فإننا نحيله الى إنجيل متى (٥/٢٧).