ثورة فاشلة
ضِقنا زرعا” من هذه الطريقة في إدارة البلاد .
لبنان سويسرا الشرق ، باريس الشرق ، بيروت أُمّ الشرائع ، لؤلؤة الشرق ، مستشفى الشرق ، كلها ألقاب ضاعت وأصبحت ذكريات من التاريخ الجميل ، ألقاب إستحقَّها لبنان وردِّدتها الأجيال وافتخرت بها.
لؤلؤة الشرق تقطَّع طوقها وتناثرت حبَّاتِه ، أُم الشرائع سُلب ميزان العدل منها ، مستشفى الشرق لا يملك دواء ، لم يبقى من بريق ألقابها سوى ذكريات الزمن الجميل .
لقد أصبح حاضرها في “جُهَنَّم” .
المنظومة الفاسدة أدخلت لبنان الى الجحيم، فالصورة قاتمة والإحصائيات تؤشر لوضع اقتصادي ومالي متدهور بسبب إنهيار العملة الوطنية وتراجع الناتج القومي .
الهجرة وقصص المهاجرين الذين يحاولون الهروب عبر المتوسط على قوارب الموت فيصاب أهل لبنان بالهلع ويتَّهمون الدولة التي غابت وتركتهم يواجهون المصير المشؤوم .
مع إقتراب الإستحقاق الرئاسي تحرِّكت كل المسارات السياسية دفعة واحدة من التفاوض على ترسيم الحدود مع إسرائيل إلى مساعي تشكيل حكومة جديدة.
توازيا”، يتعاظم حجم الكارثة الإجتماعية والمعيشية يوما” بعد يوم ، لقد أصبح المواطن أسير تحلُّل الدولة ومافيا المنظومة الفاسدة المتحكِّمة في لقمة عيشه ودوائه ومصيره.
قادت هذه المنظومة البلاد إلى الخراب بشتِّى الوسائل وأدخلته في الجحيم التي أصبحت ناره لاذعة .
لقد صُدِمَ الشعب اللبناني من أداء مجموعة من النواب أفرزتها الإنتخابات، أطالت فترة المنازعة بتمديد مدِّة النزاع بين السلطة والشعب .
في ظلِّ كل هذا أين هي كلمة الشعب اللبناني ، لماذا لا يثور ، لماذا لا يحاسب .
الثورة عاجزة عن الحشد لأن أبطالها من المثقَّفين ومن أهلِ المدن التي تتقاطع مصالحهم مع المصالح الإقتصادية والتجارية والسياسية لهذه المنظومة الفاسدة .
بالإضافة إلى ذلك ان الرأي العام اللبناني غير موحَّد على القضايا الرئيسية في البلاد . إنَّ عدم إدراك اللبناني لنفسه وعدم معرفته الأولويات هل المواطنة أولا” أم الطائفة، هما السبب الرئيسي لعرقلة الثورة وعدم التلاقي .
إن التظاهر ضد تقنين الكهرباء قد يُفهم إنه إعتصام ضد وزير الطاقة فيقاطعونه ولو أنَّهم متضررون من التقنين نفسه .
على الشعب اللبناني أن يُحدث تغيُّيراتٍ جذريةٍ على نفسه أولا” قبل الزعماء، فهو مؤلَّفٌ من أجزاءٍ غير متجانسة إن لم نقل متنافرة .
