كلمة د. عصام خليفة امام تمثال الشهداء
بمناسبة الاعتصام للمطالبة بتعديل المرسوم
6433 كما اقترحته قيادة الجيش
4/5/2021
بين تاريخ عيد العمال العالمي عيد العدالة والمساواة وحقوق الانسان، وتاريخ استشهاد الوطنيين اللبنانيين، في الحرب العالمية الأولى في 6 أيار 1916، رمز الدفاع عن الاستقلال والكرامة الوطنية، نجتمع اليوم امام تمثال الشهداء. في قلب عاصمتنا بيروت، في مرحلة تتجه فيها دولتنا اللبنانية ومجتمعنا واقتصادنا وتربيتنا وثقافتنا وهويتنا الى التحلل والانهيار، ويصل فيها شعبنا الى حدود المجاعة. في اعتصامنا الرمزي اليوم نعرف جيداً ان من واجبنا الاحتجاج ضد منظومة الفساد المتحكمة التي تحجم عن تأليف حكومة استثنائية تنجز الإصلاحات المطلوبة في مواجهة ما يجري.
وان من واجبنا محاكمة من سرق أموال المودعين ونهب أموال الدولة والمصرف المركزي، وهرّب منذ 2017 الى الآن اكثر من 40 مليار دولار الى الخارج.
ومن ابسط البديهيات ان نوقف الانهيار الاقتصادي ونذر المجاعة وتفاقم البطالة وضعف النظام التربوي على مستوى المدرسة والجامعة. وازمات الدواء والاستشفاء، وتسيّب الحدود البرية والبحرية والجوية، وانفلاش النازحين السوريين واخطار الدمج والتوطين لهم ولغيرهم من اللاجئين ومكتومي القيد.
وان من واجبنا ان نتوقف عند كارثة مرفأ بيروت التي اصابت الحجر والبشر وعرّت الفساد المطبق على حلقات المنظومة السياسية والأمنية والقضائية المتهافتة.
ومن البديهي ان ندين أزمات الكهرباء والنفايات وتلوث البيئة وتسمم المياه وتشويه الطبيعة من خلال المرامل والمقالع والكسارات، وغياب الامن الغذائي واغتصاب الأملاك البحرية والنهرية، وانهيار الإدارة العامة وتبعيتها لقوى الفساد على حساب الكفاءَة والمصلحة العامة، ويأس المواطنين وفي طليعتهم الشباب وتوجههم نحو الهجرة الى الخارج.
من واجبنا ان نعتصم ونتظاهر ونطالب بإدانة ومحاكمة المسؤولين عن كوارث شعبنا كلها، ولكننا اليوم نعتصم رمزياً امام تمثال الشهداء لنؤكد اتهامنا لأولئك المسؤولين إياهم بالخيانة العظمى وبالتخلي عن المصالح العليا للوطن، ولنؤكد اننا لن نتهاون في ولوج كل الوسائل لتقوية وفدنا التفاوضي ودعم موقفه الصلب في دفاعه عن حقوق الشعب اللبناني.
واسمحوا لي أيها المعتصمون ان أوجه الأسئلة التالية الى المسؤولين اللامسؤولين على تنوع مواقعهم:
- لماذا تعمدتم الخطأ في ملف ترسيم حدود المنطقة البحرية الخالصة مع قبرص وسمحتم لإسرائيل ان تتسلسل في النقطة رقم 1 لتعتدي على حقوقنا؟
- لماذا كلفتم المكتب الهيدروغرافي البريطاني بترسيم الحدود الجنوبية للمنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة. وتجاهلتم عن سابق تصور وتصميم الخط 29 الذي اقترحه جون براون، من قبل UKHO، ولم تطرحوه امام مجلس الوزراء، واخترتم الخط 23 العام 2011؟
- كيف تعمدتم عدم الانطلاق من رأس الناقورة تماماً، وسمحتم لانفسكم ان تنطلقوا من 30 م شمال هذا الرأس الامر الذي انعكس سلباً على حقوق لبنان؟
- لماذا لحظتم التأثير لصخرة تغمرها المياه (تخليت) واعطيتموها التأثير غير المنصف من خلال الخط 23 مع العلم ان الجزيرة كما تنص المادة 121، الفقرة الثالثة ضمنها، من القانون الدولي للبحار الصادر عام 1982، يجب ان تكون مسكونة بالناس او قابلة للسكن البشري؟ ألا يحملنا ذلك على الاعتقاد بان هناك مقايضة وان هناك خيانة واضحة بالتكافل والتضامن بين زعماء الجريمة المنظمة؟
- وهل ان خط هوف انطلق من رأس الناقورة ام من ثلاثة اميال شمال هذا الرأس؟
- في الأسس التي وضعت للتفاوض، لماذا تم تجاهل اتفاقية الهدنة (23 آذار 1949) التي نصت على ان خط الهدنة هو نفسه خط الحدود الدولية؟ ولماذا تم تجاهل وجود اتفاق ترسيم حدود بين لبنان وإسرائيل بعد اتفاقية الهدنة موقعة من قبل فريد لندر عن إسرائيل واسكندر غانم عن لبنان مع خريطة مرفقة، وبحضور مندوب من الأمم المتحدة؟
- لقد اكتشفت إسرائيل حقل كاريش عام 2013، فلو اخذت حكومة الميقاتي بدراسة (UKHO) عام 2011 الم يكن للبنان الاسبقية في استغلال ذاك الحقل إضافة الى حقل قانا؟
- من المعروف ان القانون 2010/132 المتعلق بالغاز والبترول نص على وجود شركة وطنية تقوم بدورها المحوري في رسم سياسة الدولة اللبنانية التي تتحمل نصيبها في المداخيل والنفقات. وبعد بقاء المرسوم التطبيقي للقانون (رقم 43) مرفوضاً من قبل حكومة الرئيس تمام سلام، حيث نصت المادة 5 منه (انه لن يكون للدولة مشاركة في دورة التراخيص الأولى)؟! كيف تم تزوير موصوف للقانون، في المرسوم 43، وأقر في أول بند في اول جلسة عقدتها حكومة الحريري، العام 2014، وقد وزع على الوزراء قبل 48 ساعة؟ ولاحقاً كيف قبلت هيئة البترول 53 شركة محلية (بينها شركات وهمية) ولم تقبل شركة بترول وطنية؟ وما دور السياسيين في هذه الشركات والى أي حد خسرت الدولة حقوق ملكية الغاز والنفط؟ والا يمكن اعتبار هذا العمل بمثابة جريمة منظمة بحقوق الشعب اللبناني؟
- الم ترسل قيادة الجيش اللبناني منذ العام 2013 الرسائل الى مختلف الوزارات المعنية بان المرسوم 6433 فيه اجحاف بحقوق اللبنانيين وانه يجب تعديله؟
- الم ترسل مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش، وقد اصبح فيها افضل الكفاءات ملفاً الى مجلس الوزراء في 9/3/2019 لتعديل المرسوم 6433؟ فلماذا لم يبادر مجلس الوزراء قبل البدء في المفاوضات مع العدو الإسرائيلي بالتعديل؟
- لقد اكد رئيس الجمهورية على دعمه لقيادة الجيش في اعتماد الخط 29 كاساس للموقف اللبناني. فلماذا لم يرسل العماد عون الاحداثيات الجديدة المقترحة من قبل قيادة الجيش لتعديل المرسوم 6433 الى الأمم المتحدة؟
- مئات المراسيم الاستثنائية في فترة تصريف الاعمال صدرت، ومنها مراسيم تتطلب موافقة ثلثي مجلس الوزراء (كمرسوم التعبئة العامة). فكيف يتحججون بالاسباب الدستورية والقانونية لاخفاء تقاعسهم وجبنهم لجهة اصدار مرسوم يعدل احداثيات المرسوم 6433 ويرسل الى الأمم المتحدة فوراً للحفاظ على المصالح العليا لشعبنا؟؟
- المادة 157 من نظام الأمانة العامة للأمم المتحدة تسمح للدول ان تعدل الوثائق التي تودعها، من طرف واحد، الى الأمانة العامة. ثم من هي الجهة الداخلية التي تعارض التعديل لتأمين حقوق الشعب اللبناني؟
- كيف تسمح منظومة الفساد المتحكمة ان تترك الوفد اللبناني المفاوض، والذي ابدى كفاءة ووطنية عالية، ان يستمر في التفاوض على الخط 29 – وهو خط قانوني وتقني – بينما الموقف الرسمي للحكومة اللبنانية اودع الأمم المتحدة احداثيات الخط رقم 23 – وهو خط لا يتمتع بالشروط القانونية والتقنية ؟!-
- مع استئناف المفاوضات، ما هي الضمانات ان لا تكون إسرائيل، مدعومة من السياسة الأميركية، تربح مزيداً من الوقت لكي تُحكم استعداد باخرة شركة انرجين الآتية من سينغافورة لاستخراج الغاز والنفط من حقل كاريش؟ ولماذا لا يرسل رئيس الجمهورية فوراً تعديل المرسوم 6433 الى الأمم المتحدة كما اقترحت قيادة الجيش؟ وفي نفس الوقت يستمر الوفد اللبناني بالتفاوض من موقع قوة؟
- اليس من حقنا ان نربط الازمة الداخلية العميقة على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي والسياسي والتربوي والصحي وغيرها بإرادات خارجية تسعى لإخضاع شعبنا وتخليه عن حقوقه في ثروته الغازية والنفطية؟! والى متى تمعن المنظومة الفاسدة عن الاحجام عن التنازل لتأليف حكومة استثنائية مستقلة بكل معنى الكلمة ومهنية تباشر فوراً بالإصلاحات اللازمة وتضع خريطة طريق لوضع الحلول المناسبة للازمات المعقدة التي يعاني منها شعبنا؟
- ولماذا لا تتحرك ديبلوماسيتنا في العالم فتستنفر طاقات شعبنا لدى الدول الكبرى والصديقة، وتكون ظهيراً قوياً لوفدنا المفاوض؟
أيها المواطنون والمواطنات،
أيها القادة الاشداء لعاميتنا الشعبية،
نقول للمتقاعسين والمتخاذلين والمفرطين بحقوق شعبنا من اهل السياسة، ان هناك رجال قانون منكبون مع نقيب المحامين في بيروت لدراسة الطرق القانونية التي نستطيع ان ندين بها خونة الداخل من السياسيين المتهاونين بحقوق شعبهم. وسيستمر شعبنا بالتحرك هنا داخل الوطن وفي بلدان الاغتراب دعماً لوفدنا المفاوض واصراراً على الخط 29 ولن ندع احداً يرتاح ومصالح شعبنا وثروته مهددة من قرصان الخارج والداخل. والأيام القادمة ستكون شاهداً على ما نقول.
مئات مليارات الدولارات نهبت من الشعب اللبناني في العقود الثلاثة الأخيرة، والمجاعة تدق أبواب الأكثرية الساحقة من أبناء مجتمعنا، واذا كانوا قد سرقوا الماضي والحاضر فلن نسمح لهم ان يسرقوا المستقبل.
وان غداً لناظره قريب.