لم يرضخ بطاركة في التاريخ لمستكبر ومحتل ليفعلوا اليوم، بل كان همهم الوحيد مواجهة التبعية والانحناء والذمية، والوقوف في وجه كل من ينتقص من كرامة لبنان والجوهر والإنسان، ما جر عليهم وعلى شعبهم ألوان الشتائم والهوان والمتاعب والأهوال ومايزال. بطاركة كل ما أرادوه الخلاص برعاياهم بين فواصل الشر والزمان ومقاومة الذل والارتهان. وما مار بشارة بطرس السابع والسبعون إلا من هذه الطينة، في نهج واستمرارية مجتمع وتاريخ وكنيسة وشعب ومسيرة بدأت مع القديس إبراهيم القورشي رسول لبنان وتلميد القديس مارون، مسيرة نضالية أسسها ورعاها وحماها وأعطاها النهج الإيماني والنفساني والسياسي والعسكري والإجتماعي والمجتمعي البطريرك الأول القديس المجاهد يوحنا مارون أب القومية اللبنانية، وسار في ركابها بطاركة أتقياء أنقياء، وقادة عظام، ومقاومين أبطال، وشهداء ميامين سكبوا دمهم بكرم وصمت وسخاء لنبقى نحن ونستمر.
لم يكن بطريرك لبنان مار بشارة بطرس سوى الصوت الناطق بصوت الحياة، وصوت الذين لا صوت لهم، صوت الحق لمن لا يستطيع الدفاع عن حقه في مجاهل لبنان المحتل. صوت نابع من الإرث الحضاري بما فيه من قيم روحية وإنسانية ووطنية، فالبطريرك هو ضمير الوطن على الرغم من هياج الهائجين، وقرقعة سلاح المستكبرين وأصحاب السواطير والدولة العميقة وفراخ التكفير والمجارير.
يؤسفنا ويستفزنا أن يهاجم رعاع القوم بطريرك مجد لبنان بين الفينة والأخرى، والهدف من هذا هو أنه كلما أحس ولي أمرهم القابع في دهاليز الظلام أنه سائر إلى الهلاك لسياسته الرعناء وثقافته المبنية على القتل والسواد، سيدهم المربك برؤية بداية إنهيار وزوال حلمه الإمبراطوري ورهانه على هلاله الشيعي من جنوب أفغانستان إلى باب المندب في البحر الأحمر، مروراً بالعراق سوريا ولبنان وغزة… والسلام
دكتور جو حتي