كتب عضو “الجبهة السياديّة من أجل لبنان” الدكتور شربل عازار تحت عنوان،
بُكمٌ، عُميٌ، طُرشٌ.
في العام ٢٠١٧، وَقَفَ جورج عدوان في قاعة المجلس النيابي بصفته نائب رئيس حزب القوات اللبنانيّة، وطالب الحكومة والمجلس باستدعاء الحاكم رياض سلامة لمساءلته عن حسابات المصرف المركزي وموجوداته ومدفوعاته وكشوفاته وهندساته ومساهماته للدولة وحجم الضرائب التي يدفعها للخزينة الى ما هنالك من طلبات، وقد استنفر عددٌ من النواب الحاضرين في الجلسة لإيقافه عن إكمال كلامه.
يومها شُنّت على القوات ونائبها حَملةٌ تحريضيّة تهويليّة تخوينيّة مفادها أنّ ما طرحه عدوان بِاسم القوات يمسّ بالاستقرار النقدي والمالي لأنّه يمسّ بمصداقية الحاكم والمصرف المركزي والنظام المالي والمصرفي.
وكالعادة، كان “التيّار الوطني الحرّ” على رأس مهاجمي القوات والمدافعين عن الحاكم والمصرف المركزي والمصارف.
(أصلاً في العام نفسه تمّ التجديد ولاية كاملة لرياض سلامه بناء على بند طرحه رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون من خارج جدول الأعمال).
وقبل شهر من اندلاع “ثورة ١٧ تشرين”، وفي لقاء الأقطاب في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، خرج سمير جعجع من الاجتماع ليُعلن من منبر القصر الجمهوري ما أبلغه مواجهة للمجتمعين مِن “أنّه مش ماشي الحال” و”أنّ الوضع الاقتصادي والمالي والحكوميّ والسياسيّ غير سَوِيّ وغير سليم، ومن الضرورة بمكان استقالة الحكومة فوراً وخروجنا جميعاً من الحُكمِ وتسليمه الى أصحاب الاختصاص والكفاءة، وما أكثرهم بين اللبنانيّين، وذلك قبل ان يغرق المركب بالجميع لأنّ الانهيار حَتميّ وسريع”.
مرّة أخرى أُعتُبِرَ كلام جعجع مَسّاً بهيبة الدولة والحكومة والسلطة ولا من سامع ولا من مُجيب الى أنْ اتى يوم ١٧ تشرين ٢٠١٩ فَوَقَعَ المحظور وكان ما كان.
يومها خرجت القوات من الحكومة قبل أن يُقْدِم الرئيس سعد الحريري على الاستقالة.
بعد رحيل الحريري، شُكّلت حكومات برئاسة الرئيسين حَسّان دياب ونجيب ميقاتي، حكومات تقاسم وزاراتها “الثنائي الشيعي” والرئيس ميشال عون “والتيّار الحرّ” وحلفاؤهم حصراً، دون أي وجود لأحزاب القوات والكتائب والتجدّد والسياديّين وغيرهم.
أربع سنوات استفرد وما زال يستفرد فيها “الثنائي” و”التيّار الحرّ” بالدولة والسلطة والمواقع والمراكز دون مشاركة أحدٍ من معارضيهم.
للعِلْمِ، أربع سنوات هي مدّة الولاية الرئاسيّة في الولايات المتحدة الأميركية وفي فرنسا وفي روسيا وفي الكثير من البلدان المتقدمة.
فماذا قَدَّم “التحالف الحكومي” عندنا خلال ولاية كاملة من أربع سنوات، وهو المستحوذ على كلّ مفاصل الدولة؟
لقد قدّم عكس ما يتمناه الناس،
قدّم دولةً بلا كهرباء ولا ماء ولا سدود ولا بُنىً تحتيّة ولا طرقات ولا وسائل نقل،
دولةً أصبحت فيها الطبابة والدواء والاستشفاء والمدارس والجامعات، في حال توفّرت، من حظّ المقتدرين فقط وما أقلّهم،
دولةً لا دورة اقتصادية فيها ولا صناعة ولا زراعة ولا تجارة، والسياحة فيها قائمة على المغتربين من أبنائها الذين هَشّلتهم وهجّرتهم هذه السلطة تحديداً، بسياساتها وأدائها ومحاورها،
دولةً طارت فيها أموال المودعين، علماً أنّ ما يجنيه المواطن اليوم لم يَعد يكفيه لدفع فواتير الماء والكهرباء والمولّد والمحروقات، بحيث أصبحت المنقوشة والكعكة بزعتر من الكماليات.
هذا نموذج ولاية كاملة من أربع سنوات من حكم “الثنائي الشيعي” و”التيّار الحرّ” ومن يدور في فلكهما.
ويريدون أن يُكمِلوا بالوطن في المسار ذاته،
ويَعجَبون ممّن يحاول الخروج من شرنقتهم، فهو بنظرهم عميلٌ للعدوّ وللسفارات وللخارج وللصهيونية العالمية وقوى الاستكبار…
إسمعوا خطابات قياداتهم ووزرائهم ونوّابهم وإعلامهم و”إعلاميّيهم”، فهم يخاطبونك كالآلهة من عليائهم،
ويريدوننا “كسعدناتهم”،
عُمْيٌ خُرسٌ بُكْمٌ طُرشٌ لا بل هُبلٌ لنصدّق مقولاتهم ونسير بها.
نَسوَا أنّ لنا إلهاً واحداً، لا نخضع ولا نركع إلّا لَهُ.