هم الخميرة والصليب وعجين التاريخ
أمة وبطاركة وحركة روحية أنطلقت مع مار مارون في مجموعة فمجتمع وشعب بحث عن وطن قام ببنائه ليأمن فيه غده والمستقبل.
على سيرة القيم المسيحية، وإلى الأمان والأزدهار سعوا، وعلى الفضائل البليغة دافعوا، وبالصلابة والمرارة والتهجير والعناد والكرامة والقهر والمعاناة واجهوا كل غزاة الأرض ليبقوا. مع شفيعهم مارون بدأوا وتفاعلوا، مكونين شخصيتهم وذاتيتهم، ملتفين حول دير وجبة راهب ومصير. عجنهم الزمان على الرفض، رفض كل ما ينتقص من كرامة إنسانهم وإيمانهم، وكانت ميزتهم الأسمى المجاهرة بمنع سيف الذمية والتبعية عن رقابهم.
من يتصفح ويغوص في بواطن التاريخ، يتأكد أن الموارنة لم يكونوا إلا أوفياء، ولم يستمروا إلا بالصبر في أصعب الظروف وأحلك الأيام، أمة ثائرة، نادرة، مقاومة، قاومت الظلامية والظلم، والبهيمية والإنحراف لتحافظ على وديعة الحرية… هذه هي أمتي التي تخطت الآلام وعاشت تفاصيله، وغدرات الزمان منذ ألف وستمائة سنة، أمة ردت عنها سيوف غطرسة أباطرة بيزنطيا بيد، وصدت شراسة الفتح الحجازي باليد الأخرى. أمة اعتصمت، وجاعت، وسدت عليها المنافذ في جبالها الفقيرة، الضيقة، الباردة ، الوعرة، وبقيت واستمرت….
بقلم جو حتي