بكركي تُكثّف التشاور ومعراب تنصرف لـ”شدشدة” الصفوف
إنتقل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من الكلام في العموميات إلى الدخول في صلب الأزمة الرئاسية ولعب دور محوري لإنهاء الفراغ المُسيطر على الرئاسة الأولى.
دخلت الإجتماعات السياسية والروحية التي عُقدت في بكركي صلب البحث عن الحلول الرئاسية، فالبطريرك يرفض إلقاء تهمة التعطيل على المسيحيين وحدهم، ويجهد للبحث عن أرضية مشتركة بين الأفرقاء تصل إلى غربلة للأسماء المرشّحة.
لم يكن لقاء الراعي مع كل من رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل عادياً، فقدّ توجّه لباسيل بالمباشر وحمّل كتلته المسيحية مسؤولية كبرى في الفراغ الحاصل لأنها تمتنع عن حضور الجلسة الثانية لانتخاب الرئيس. ولم يسلم رئيس «المرده» من غضب البطريرك، الذي توجّه له أيضاً بالمباشر، مُستغرباً كيف هو مرشح للرئاسة وكتلته تقاطع الجلسات والحلفاء لا يصوّتون له، ما دفع فرنجية للخروج بعد لقاء بكركي والتصريح بأن اسمه مطروح جدياً للرئاسة لكنه لم يعلن ترشيحه بعد.
تعيش البلاد «عصفورية» قضائية ومالية واقتصادية، وينطبق الأمر على ترشيحات الموارنة الحلفاء لـ»حزب الله»، أي باسيل وفرنجية، كل واحد منهما يطمح للرئاسة لكن أياً منهما لا يتجرّأ على إعلان ترشيحه والذهاب إلى جلسات الإنتخاب مثلما يفعل رئيس حركة «الإستقلال» النائب ميشال معوّض والذي ينال تقدير بكركي على خطوته هذه.
وربما شكّل الخلاف بين وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون «القشة التي قصمت ظهر البعير»، فاستدعت بكركي وزير الدفاع و»وبّخته» على تصريحاته المطالبة بإقالة قائد الجيش ما دفع الوزير ومن على منبر بكركي للتراجع عن كلامه.
ويبقى ملف الرئاسة هو من يُحرّك الموارنة سياسيين وروحيين وإداريين، وفي السياق، علمت «نداء الوطن» أن الراعي أبلغ من التقاهم أن جميع المرشحين الموارنة هم أبناء هذه الطائفة ولا يُفضّل مرشّحاً على آخر أو يتدخّل في اختيار الاسم، لكن على النواب النزول إلى جلسات الإنتخاب وإيقاف مسلسل التعطيل.
وبرزت في الساعات الأخيرة مساعٍ واتصالات قادها البطريرك الراعي وشملت عدداً من الدول الفاعلة وعلى رأسها فرنسا والمملكة العربية السعودية، والهدف هو تأمين غطاء عربي بقيادة الرياض من أجل الدفع باتجاه إنتخاب رئيس، في وقت تحاول بكركي مع باريس تأمين دفع دولي لتحريك عجلة الرئاسة. وتُبقي بكركي خطوط التواصل مفتوحة مع «القوات اللبنانية»، وتحترم تمسّكها بترشيح معوّض الذي يسير وفق الآليات الديموقراطية التي نصّ عليها الدستور وهي انتخاب رئيس للجمهورية في مجلس النواب وليس بالفرض أو التعطيل.
وتكشف الإجتماعات التي حصلت أخيراً بين القوى السيادية عدم تمسّك معوّض بترشّحه إلى ما لا نهاية، وهو مستعدّ للتنازل لمرشح يعمل على بناء دولة ويؤمن بالمشروع السيادي وبمؤسسات الدولة، لكن لن يتنازل عن الترشيح من أجل تعبيد الطريق أمام وصول رئيس من فريق 8 آذار سواء أكان فرنجية أم باسيل أم غيرهما.
وعلى عكس ما يُشاع، لا خلاف داخل الفريق المسيحي السيادي، وما يزال هناك إجماع مسيحي في هذا الفريق على تبني ترشيح معوّض. وفي هذا الإطار، يبلغ عدد النواب المؤيّدين لمعوّض 30 نائباً ويتوزعون بين 19 «قوات لبنانية»، 4 «كتائب لبنانية»، 2 حركة «إستقلال»، ونواب مسيحيين مستقلين هم: نعمت إفرام، جميل عبود، جان طالوزيان، ميشال ضاهر، نجاة صليبا.
يشكّل خروج رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط للبحث عن مرشّح وسطيّ نكسة للفريق السيادي، لكنّ جنبلاط لم يذهب إلى الضفة الأخرى ولم يتخلَّ عن معوّض من أجل مرشّح 8 آذار، بل يتمنّى الوصول إلى انتخاب رئيس وسطي، ما يعني إبقاء خطوط التواصل مفتوحة بين «القوات» و»الإشتراكي»، لذلك ستكثّف معراب إتصالاتها مع القوى السيادية والمستقلين من أجل الإبقاء على وحدة الموقف ولعدم «فرط» جبهة المواجهة.