رسالة لبنان في التاريخ وما بقي منها – اضغط للقراءة

رسالة لبنان في التاريخ وما بقي منها

لم يكن لبنان في تاريخه العريق سوى رسالة، رسالة يبقى على مر الأجيال، يؤديها أبناؤه بنصفيهم المقيم والمغترب، تمسّكاً بتقاليد توارثوها جيلاً عن جيل،منذ أن شقّت سفنهم زَبَد الموج،وانطلقت قوافلهم عبر الصحارى،تحمل للعالم مبادئ حضارة خيّرةٍ،وللانسانية شعاع فجرٍ ما عَتم أن غمر الكون،وما يزال أثره يعمل في تطورات المجتمع إلى اليوم.
ما ضرّ جبيل وصور وصيدون أن تبيتَ آثاراً وأن لا يبقى من قرطاجة سوى ذكرى. أليس التاريخ آثاراً وذكريات، والخلود لمن كتب التاريخ بما تعجز الأيام عن مَحوِه،وربما لا تجرؤ الاقلام على الانتقاص من قَدرهِ، مهما يحاول اربابها تمويه الحقائق والتآمر على الحق.
لقد كتبنا تاريخنا، وتحدّينا كل من كتَب تاريخاً،حتى الذين كتبوه بالسَيف على أسوارنا، والإزميل على صخورنا،فنحن من دَلّ الناس على دروب إنسانيتهم،وهم من أنكروا الإنسانية على أنفسهم،مذ جعلوا السيف حَكَماً، وشتّان بين من حَكَّمَ السيف ومن حَكَّمَ الفكر والعقل..
من هنا، من لبنان، مَرّت بابل، وآشور، وكِلدة، ومصر، وفرنسا، وانكلترا.
وعلى صخور نهر الكلب،نَقَشت تاريخ مرورها بشيء من زهوِها العسكري، معظمها بات في غياهب الماضي،اسماً في كتب التاريخ، وبقيت هذه الامّة، تحمل رسالة الفكر عبر الصحارى والبحار،في مواكب عبقريّتها ،تؤديها للعالم.
فصَيدون الام، تحتل مكانتها،ويتغنى بها الشعراء، فيطمع الغزاة بها، ويتمنى الملوك ارجوانها.
وصور ام قرطاجة، شادَ بنّاؤوها هيكلَ سليمان، ومدّ بحّارتها رواق سلطانهم على اليمّ، فغَزت العالم بتجارتها، وحاربت الجبابرة غُزاتها، من سنحريب إلى نبوخذنصّر ورعمسيس والاسكندر،طوال أجيالٍ زاخرةٍ بالبطولة.
وجبيل، مدينة الآلهة،لا عرش يعلو عَرشها، في هياكلها أسرار تتمثّل ب بعل وعشتروت، ومنها أدونيس، له في كل عام موت وقيامة.
فاق الفينيقيون معاصريهم ذكاءً وهمّة، فتركوا العالم يبني مجدَه بالسيف، وراحوا يَبنون لمجدهِم بالفكر والعمل، فكانت الصناعات الثمينة، وحروف الهجاء،وقواعد التجارة، ونشَروا مبادئ حضارتهم في العالم.
هذا هو لبنانكم، هذا بعض من تاريخكم، أفلا تتساءلون
أين أنتم اليوم من عَظَمة هذا التاريخ؟
أفَلا تخجلون من إعلان تبعيّتكم لدولة أجنبية ولقوى خارجية وانتم من هزمتم الجميع وبقيتم؟
أفلا تخجلون مما أنتم فاعلون بهذه الامّة المنارة؟
أفلا تخجلون مما جَنَت أيديكم؟
أفلا تخجلون من استباحة السيادة؟
وتتغنّون بالاستقلال؟
اي استقلال أبقَيتم عليه؟
أية كرامة حفظتم للشعب؟
أي أمَل أبقيتم في النفوس؟
رغم كل ما نشهده اليوم يبقى الأمل بمبادرة بكركي وصلابة موقف سيّدها، وتبقى دروس التاريخ.
لبنان باقٍ رغم كل شيء،
فلا بدّ لهذا الليل أن ينجلي.

فيليب عقل

Spread the love

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *